أحسنت الحكومة إن فعلت

أحسنت الحكومة إن فعلت
حزمة القرارات الحكومية التي تم إعلانها الأسبوع الماضي، ربما تكشف عن أن الحكومة بدأت بالتعاطي بطريقة مختلفة مع الواقع المعيشي للمواطن، وأنها بدأت بتلمس احتياجات مواطنيها ومطالبهم، والاستماع جيدا إلى صوت الأنين الذي يخرج من قلوب الأردنيين الباحثين عن إصلاحات سياسية واقتصادية وخدماتية طال انتظارها في ظل حكومات متعاقبة خذلت الجميع.
قبل نحو شهر ترأس جلالة الملك جانبا من جلسة لمجلس الوزراء، وكانت رسالته حينها واضحة بأنه يريد نتائج ملموسة قبل نهاية العام. وقبل أيام ترأس جلالته جانبا من جلسة أخرى، وبين الجلستين لم تكن الحكومة الحالية قد قدمت شيئا، إلا بعض الهوامش التي لا تؤدي إلى اختراقات مهمة في الوضع الاقتصادي والمعيشي. الملك بدأ حراكا مكثفا في الأيام الأخيرة، عبر المشاركة في ورش عمل هدفها الأساسي الدفع بعجلة الإصلاح الاقتصادي إلى الأمام، هذا من جانب، ومن جانب آخر تحسين الوضع المعيشي للمواطنين. وكانت النتائج أن كشفت الحكومة عن حزمة من الإجراءات التي ستتخذها وستعلن تفاصيلها اليوم . بعد عام تقريبا من انتهاجها رفع الضرائب والرسوم على السلع والخدمات، اكتشفت الحكومة أنها لن تستطيع رفع الإيرادات، بل على العكس تماما، فقد انخفضت تلك الإيرادات، وأيضا ماتت الأسواق بسبب تدني قدرة الأفراد على الإنفاق، أما أرقام النمو، فقد بقيت منخفضة، ما حد من قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل جديدة لمئات آلاف المتعطلين عن العمل. اليوم، تقول الحكومة إنها تمتلك رؤية جديدة لتنشيط الأسواق، ودفع عمليتي التصنيع والإنتاج إلى الأمام، من خلال حزمة قرارات ترى أنها ستكون قادرة على إنجاز هذه المهمة. في ما يخص زيادة رواتب العاملين في القطاع العام، سيكون لهذه الخطوة تأثير حاسم في تنشيط الأسواق، وربما يعتمد هذا الأمر على مقدار هذه الزيادة، ولكن ضخ الملايين في جيوب الأردنيين، لا شك أنه سيؤثر إيجابا على الأسواق، ويخرجها من الحالة التي تعيش فيها، وينتشل بعضها من حافة الإفلاس. وفي ما يختص بتحسين جودة الخدمات، فهذا أمر ضروري، إذ إن خدمات الصحة والنقل والتعليم وصلت إلى درجة مزرية من السوء، ولا يجوز أن تبقى على مثل هذه الحالة، خصوصا أن هذه الخدمات كانت الأفضل بين دول المنطقة لعقود طويلة، وإعادتها إلى ما كانت عليه سابقا ممكن، بقرارات جريئة، وبقليل من الإنفاق، تحت لافتة عريضة اسمها الاستدامة. ينبغي لأي خطوة تحسينية أن تنطلق من تفكير استراتيجي مستقبلي، والأخذ بالاعتبار ما سيكون عليه البلد خلال الثلاثين عاما المقبلة، لا أن نفكر آنيا، وبحلول "ترقيعية”، وكأننا نعيش يومنا فقط. في ملف الاستثمار، هناك عوائق عديدة، أبرزها عدم ثبات البيئة التشريعية التي يجب أن يعاد النظر فيها من أجل تسهيل جذب رؤوس الأموال، وأيضا هناك الضرائب والرسوم المرتفعة، وارتفاع بدلات الخدمات التي تسببت برحيل مستثمرين. كما لا ننسى تعدد الجهات ذات الصلة بعملية الاستثمار، ما يستدعي فعلا توحيدها، لكي تتحسن البيئة الاستثمارية ككل. العناوين العريضة التي أعلنتها الحكومة عن خطتها لتحفيز الاقتصاد والاستثمار والنهوض بالوضع المعيشي للمواطن، جميعها عناوين مهمة، ومعتبرة. اليوم ننظر بأهمية كبيرة إلى كيفية تطبيقها، وكيف يمكن أن نرى أثرها الحقيقي في الشارع الأردني.

تابعوا الوقائع على