العزيزة هبه اللبدي..

العزيزة هبه اللبدي..
أنا أتابع قضية أسرك في إسرائيل وكنت وأؤمن بأن يوما سيأتي وتعودين فيه إلى أهلك سالمة، وحرة.

إسرائيل دولة حقيرة بكل معنى الكلمة, لأن اعتقال الياسمين يعني أنك لا تفهم معنى واحدا من معاني الحياة، أي دولة تلك التي تعتقل الياسمين.. وتكبله, وتخضعه للتحقيق, وتجعله يوقع إفادة بالإكراه.. سيكتب في تاريخهم الأسود أنهم أجبروا الياسمين أن يوقع.

وإسرائيل يا هبة, دولة بنيت على الكره, وسيكرهونك.. لأنك من وهج الزيتون في نابلس, ولأن مذاق اللقاء بك يشبه زعتر الخليل, ولأن الخد برتقالات يافا، والعين لا يمر فيها مرود الكحل.. عيونك وحدها يمر بها مرود يكتب قصائد درويش وسميح القاسم... عيونك لا تشاهد بل تقرأ يا سيدتي.

أعرف أن السجن مؤلم، وأعرف أن الأيام فيه, مثل طعنات تأتيك في الظهر وتترك الجرح نازفا, لكن فلسطين..هي من علمت الدنيا أن الأهداب تقاتل, وتذكري دلال المغربي.. وكيف هزمت أهدابها إسرائيل.. وفلسطين يا هبه.. هي من علمت الدنيا، أن الدم فيها حين يسيل من جسد الشهيد, يسري إلى الأرض مشتاقا... فبين الدم هناك وتراب حيفا, قصة عناق وعشق غريبة... كأن للدم الفلسطيني أكفاً, كأن له بعض الاصابع..وتلتحف كتف الأرض، وهل سيهزم الوطن الذي.. يعشق فيه الدم التراب؟

ستعبرين أعرف... جسر الحزن ستعبرينه, وسيعود الشعر الأسود للمدى في عمان ويعانقه, والخطى ستعود أيضا للشوارع في اللويبدة.. والضحكات هي الأخرى ستنطلق, من القلب في حضرة الصديقات والأهل.. أنا مؤمن أن يوما سيأتي وتعبرين فيه جسر الحزن إلينا...على الأقل أنت وإن كنت أسيرة, ولكنك تحررت اليوم.. فالياسمين هزم ألويتهم ورتبهم العسكرية, والغزال قارع (الغول) وأرداه... الحب ينتصر.. حتما ينتصر.

أما نحن يا ابنتي, فسنبقى في حالة أسر, للمستقبل الذي لم نعرف تفاصيله, للقلق الذي يجتاح طرقاتنا, للهوية الضائعة المضيعة, للخبز الذي صرنا نتعب فيه, للأحلام المزعجة التي تأتينا, أسرى للحزن الذي يفتك بالقلب حين نرى وجوه أطفالنا ونخاف من مستقبلهم وعلى مستقبلهم..

حماك الله يا هبه, وصدقيني أن كف الياسمين, أقوى من قيد السجان.. صدقيني.
تابعوا الوقائع على