التراب المظلوم

التراب المظلوم
... حصيلة إنفلونزا الخنازير في الكرك للان هي خمس وفيات.. وتقول الأخبار أيضا ان هنالك (41) إصابة والعدد في تزايد...

كنا فيما مضى, كنا نلوم الطريق الصحراوي, ونقول أن درب الجنوب يحيك علينا مؤامرة خبيثة فقد قتل خيرة شبابنا في الحوادث المروعة التي وقعت عليه, وكنا نلوم السرطان وكثرة المصابين به في الكرك... الان ثمة مؤامرة أخرى من فيروس دنيء وحقير, يفتك بأولادنا... وهو الفايروس المتسبب بإنفلونزا الخنازير...

وقبل ذلك تدخل الإرهاب, وأخذ خيرة شبابنا, ففي هذه الأيام.. تمر علينا ذكرى معركة القلعة واستشهاد العقيد سائد المعايطة, وثلة من رفاقه.. ومجموعة من أهل الكرك النجباء..

وقبل أقل من مئة عام، قتلت تركيا بطريقة حقيرة, خيرة الثوار في الكرك وكان الإعدام يتم عبر رميهم من سور القلعة...

الموت لدينا ليس مثل الموت في كل دول العالم, نحن لدينا الموت بالجملة.. ولا نكتفي بضحية واحدة أبدا.. بل في كل صولة نخوضها مع الإرهاب أو الطريق أو المرض.. نقدم كما هائلا من الضحايا.

هؤلاء الذين سقطوا شهداء لهذا الداء الحقير، سيحملهم تراب الكرك.. لابد أن يحتضنهم في سباتهم الأخير, فهو بين جنباته، يحمل الشهداء.. والمحرومين ويحمل القلق والانتظار، ويحمل السادة النجباء الأخيار, ويحمل شهداء مؤتة.. أنبل البشر وأطهرهم, ويحمل أيضا رفات بعض الغزاة الذين سقطت أحلامهم على أسوار القلعة... ويحمل الأحلام, وبقايا الأحلام أيضا..

ماذا ستحمل أيضا يا تراب الكرك؟.. الخطى المتعبة ! ستحمل بعض الفقراء وبعض الذين ضاقت بهم الحياة !

أنا حزين جدا, فقد صحوت اليوم على هذا الخبر المؤلم, الذي يحتاج منا أن نقف مطولا ونعيد السؤال.. لماذا الموت لدينا يختلف عن الموت في الأماكن الأخرى ولماذا نقدمه بالجملة, وبأعداد كثيرة؟

كأن التراب هنالك تعب كثيرا, من حجم الضحايا... صدقوني أني حين أمر من أطراف تلك المدينة, أسمع أنينا للتراب... حتى التراب لدينا أصبح مظلوما..

وحمى الله الكرك
تابعوا الوقائع على