لماذا تأخر وفد الأردن عن دمشق؟

لماذا تأخر وفد الأردن عن دمشق؟
زيارة الوفد الأردني رفيع المستوى برئاسة طاهر المصري الى دمشق، ما تزال معلقة، لم يحدد موعدها، ولم تلغ، وعلى ما يبدو هناك اعتبارات كثيرة تؤثر عليها.
في المعلومات ان فكرة الزيارة لم تحظ بترحيب رسمي حار، ربما كانت هناك إشارات عدم ممانعة، لكنها كانت إشارات باردة الحرارة، كما لم تكن هناك إشارات تحفيزية بشأن الزيارة، وهذا امر مؤكد على الصعيد الأردني، فيما ينتظر الوفد إشارات محددة من دمشق، من اجل اكمال مشروع الزيارة، بعضها يرتبط بموعد محتمل مع الرئيس الأسد، اذا كان ذلك متاحا او غير متاح في الوقت الحالي، وما الذي سيعود به الوفد من دمشق؟! في كل الأحوال، طرأت تغيرات عدة منذ الإعلان عن هذا الوفد، اذ خرجت أسماء من بنية الوفد، لأسباب مختلفة، بعضها يعود الى تقديرات هؤلاء المستجدة للمشهد، او رغبة آخرين بقيادة الوفد وتصدر المشهد، وستدخل أسماء جديدة في حال تم حسم الامر بصورة نهائية، لكن يمكن القول ان تركيبة الوفد، ليست هي المشكلة الأساسية. علينا ان نلاحظ انه منذ الإعلان عن زيارة الوفد بوجود شخصية مثل طاهر المصري، طرأت عدة تطورات ابرزها المحادثة بين وزير الصناعة والتجارة الأردني ونظيره السوري، والتباحث في العلاقات التجارية بين البلدين، ثم قيام وفد فني من قطاعي الشحن وتخليص البضائع في الأردن، بزيارة سورية، وأخيرا الغاء سورية للضرائب والرسوم على الشاحنات الأردنية، وهي خطوة مفاجئة بمثابة رمي الكرة في الملعب الأردني. السبب في ذلك ان الأردن يمنع استيراد أي بضائع من سورية، بذريعة وجود ضرائب سورية، وعدم تسهيل لتدفق البضائع الأردنية، وإلغاء السوريين للضرائب على الشاحنات الأردنية، سيحرج عمان الرسمية، وسوف يكشف اذا كانت ممانعة الأردن بالتعاطي التجاري مع السوريين سببه المعاملة بالمثل حقا، ام ان هناك اعتراضا أميركيا يمنع اقتراب الأردن من السوريين، تجاريا، وعلينا ان ننتظر رد فعل عمان الرسمية اذا ما كانت سترفع الفيتو على البضائع السورية، حقا، بعد القرار السوري الأخير، ام ستواصل سياساتها؟!. من الواضح تماما ان سقف النقاش في عمان، لا يتجاوز السقف التجاري والاقتصادي، فلا حديث حتى الآن عن زيارات سياسية رسمية، ولا عن تبادل السفراء، برغم كل المؤشرات، بل يتم الدوران في ذات دائرة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مع الإقرار هنا بوجود علاقات امنية ولوجستية فاعلة بين الأردن وسورية، بسبب طول الحدود، والحاجة للتنسيق على مستويات معينة امام اخطار مختلفة، اما المستوى السياسي فمؤجل، وغائب، ويرتبط بتوجهات إقليمية ودولية، وليس بموقف الأردن وحسب. ما يمكن قوله هنا ان زيارة الوفد بوجود شخصية مثل المصري، لها حسابات مختلفة في عمان الرسمية، ولا تجري مقارنتها بزيارات سابقة لوفود اردنية تم منحها الضوء الأخضر، او غض البصر عنها، فالرجل له مكانة اعتبارية، وكان رئيسا للوزراء، ورئيسا لمجلس النواب، ورئيسا لمجلس الاعيان، ولا يمكن ان تمر زيارته بشكل مستقل او عادي، او فصلها عن حسابات الدولة، تجاه ملف العلاقات مع السوريين، في هذه المرحلة بالذات، وهذا يعني ان كلفة الوفد تخضع للتقييم، واذا ما كانت عمان ترغب بحملها او لا؟!. هناك ممانعات من عدة جهات بشأن تفعيل العلاقة الأردنية السورية، أولها بعض اجنحة الدولة التي تتبنى موقفا سلبيا من دمشق الرسمية، وثانيها الحسابات الأردنية الأميركية، وثالثها انتظار الأردن لتغيرات محتملة على صعيد علاقات دمشق بعواصم عربية مهمة. يلاحظ بشكل واسع في الأردن، ان حجم الاعتراض الشعبي، بشأن استعادة العلاقة مع دمشق الرسمية، قد انخفض جزئيا، ربما بسبب وجود تحولات في الرأي العام، وهذا يعني ان قراءة الفوضى في سورية، باتت تخضع لمعايير جديدة، عند بعض الأردنيين. في ضمائر الذين يديرون المشهد في البلدين، حكايات لا تقال علنا، فدمشق تريد إشارة رسمية سياسية من الأردن على مستوى عال، والأردن لا يريد ان يستعجل بهذه الخطوة، ودمشق تبرق ببرقيات تفترض ان تأتيها عمان معتذرة نادمة عن مواقف سابقة، وعمان الرسمية تفترض ان دمشق هي التي بحاجة الأردن، خصوصا بعد تدهور الأوضاع في لبنان، وتفاصيل المشهد الإيراني وتوابعه، وبين كل هؤلاء يمكن القول ان الطريق بين عمان ودمشق، مفتوحة، لكنها غير سالكة بسبب الظروف الجوية في الإقليم والعالم.
تابعوا الوقائع على