قرار الكنيست حظر الأونروا باطل وانتهاك صارخ للقانون الدولي

الوقائع الإخبارية:      استشعر الأردن مبكرا محاولات الاحتلال الاسرائيلي إلغاء دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) حيث استبق هذه المحاولات بتأكيد ارتباط هذه الوكالة الدولية بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وتعويضهم.

ولم يأل جلالة الملك عبدالله الثاني جهداً على كل المنابر الدولية وفي كل لقاءاته مع قادة العالم لإبراز أهمية (الاونروا) وضمان قدرتها على تأمين الغذاء والدواء وخدمات التعليم والاحتياجات الإنسانية الأساسية الأخرى للشعب الفلسطيني الى أن يتم حل المشكلة الفلسطينية من جذورها، ويعكس منح جلالته وسام الاستقلال من الدرجة الأولى هذا العام لـ (الأونروا) رسالة أردنية للعالم كله بأن هذه الوكالة الأممية جزء من القضية الفلسطينية ولا يجوز المساس بها إلا في إطار الحل النهائي ونيل الفلسطينيين حقوقهم الوطنية غير منقوصة.

وتأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالقرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين الى حين عودتهم الى وطنهم ولهذا لا تملك أي دولة في العالم منع "الاونروا" من ممارسة نشاطها وتنفيذ الغاية التي أنشئت من أجلها أو التضييق عليها، ما يعني بالعرف الدولي بطلان القرار الأخير الصادر عن (الكنيست) الاسرائيلي والذي يقضي بحظر عمل "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنع موظفيها من الحصول على الامتيازات والحصانات الدبلوماسية الممنوحة لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية.

وقد أدان الأردن ممثلا بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين بأشد العبارات إقدام الكنيست الإسرائيلي على إقرار مشاريع قوانين تحظر أنشطة (الأونروا) في الأرض الفلسطينية المحتلة باعتباره قرارا باطلا ويسعى للقضاء على الوكالة ورمزيتها ودورها في تأكيد حقوق الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق قرارات الشرعية الدولية.

واكد سياسيون  هذا القرار باطل قانونا وانتهاك صارخ للقانون الدولي من القوة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة ويضع إسرائيل في موقف يتعارض مع التزاماتها الدولية كدولة احتلال، مشيرين الى أن منع "الاونروا" من القيام بمهامها سيزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية.

وطالبوا المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات رادعة لحماية الشعب الفلسطيني والمنظمات الدولية، لافتين الى أن هذا القرار هو جزء من حملة ممنهجة تهدف إلى تقويض دور الوكالة الأممية وضربة لأي جهد يسعى إلى التوصل إلى حل سلمي عادل للقضية الفلسطينية.
وأشاروا إلى أن إسرائيل تواجه عزلة متزايدة على الساحة الدولية بسبب قراراتها المستمرة المهددة للمؤسسات الإنسانية وتقييد نشاط الأونروا في تحدٍ سافر للمجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة.

وكانت وكالة "الأونروا" بينت عبر موقعها الالكتروني أن تصويت (الكنيست) ضد شرعية عملها في الأراضي الفلسطينية يشكل سابقة خطيرة ويعارض ميثاق الأمم المتحدة وينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، لافتة الى أن هذا التصويت يأتي كأحدث خطوة في الحملة المستمرة لتشويه سمعة الوكالة ونزع الشرعية عن دورها في تقديم خدمات المساعدة والتنمية البشرية للاجئي فلسطين وتعميق معاناتهم خاصة في غزة، حيث يعاني الناس هناك منذ أكثر من عام من جحيم لا يوصف.

نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور جواد العناني قال، إن هذا القرار خروج على شرعية الأمم المتحدة ومنظماتها الأساسية خاصة (الأونروا) التي تقدم خدماتها الإنسانية في مجال التزويد الغذائي والخدمات الصحية والتعليمية، مشيرا الى أن "الاونروا" توفر فرصة عمل لحوالي 11 ألف فلسطيني.

وأشار الى أن 80 % من سكان غزة هم من اللاجئين لذلك فإن هذا يضاف إلى أفعال اسرائيل المخالفة للقانون الدولي في القتل والتدمير وقتل الأطفال والنساء والمخالفات الجسيمة التي ترتكبها في عدوانها على الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن إسرائيل تمهد بهذا القرار لنزع الشرعية الدولية عن المطالب الفلسطينية بحقهم التاريخي في دولتهم وأرضهم وتعويضهم.

مدير عام دائـرة الشؤون الفلسطينية رفيق خرفان قال إن الأونروا تتعرض لحملة استهداف ممنهجة واغتيال سياسي، مؤكدا أن قرار حظر هذه الوكالة الأممية باطل، مشيرا الى أن وجود (الاونروا) مرتبط بحق الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق قرارات الشرعية الدولية.

ودعا خرفان المجتمع الدولي للتصدي للممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وفرض إجراءات رادعة تضمن توفير الحماية للشعـب الفلسطيني والمنظمات الدولية والجهـات الإغاثية العاملة في الأراضي المحتلة، مؤكداً أهمية دور "الأونروا" كعامل استقرار في المنطقة وتقديـم الخدمات الإغاثية والمساعدات خاصة في ظل ظروف الحرب على غزة والتصعيد المتزايد في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

من جهته قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات إن الأونروا تمثل رمزًا للمعاناة الإنسانية التي عاشها الشعب الفلسطيني من تهجير وقتل، محذرا من أن حظر نشاطها في الأرضاي الفلسطينية المحتلة سيؤدي بشكل صريح إلى تعميق الألم والمعاناة لدى الشعب الفلسطيني.

وأشار الى أن هذا القرار يعكس من وجهة نظر إسرائيل سعيها لإلغاء القضية الفلسطينية برمتها، والتي تُعتبر واحدة من أعظم المآسي السياسية والإنسانية في القرن العشرين.

وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزرقاء الدكتور الحارث الحلالمة إلى أن قرار حظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يعبر عن مدى تغلغل الفكر اليميني المتشدد، والذي يرفض منح الفلسطينيين حقوقهم الأساسية في الحياة الكريمة.
وأوضح الحلالمة أن التأييد الكبير لهذا القرار، الذي حصل على 92 صوتًا في الكنيست، يُظهر إجماعًا إسرائيليًا يسعى إلى إعدام آخر شاهد على معاناة الفلسطينيين بالتزامن مع الاعتداءات المستمرة على الضفة الغربية وقطاع غزة وتدمير البنية التحتية ليصبح قطاع غزة غير صالح للسكن.

النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة قال: إن إقرار الكنيست حظر أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة يندرج في إطار المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تصفية ملف اللاجئين الفلسطينيين وحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة والتعويض والحصول على الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية، بما تمثله الوكالة من رمزية وشهادة دولية على هذه الحقوق عندما جرى تأسيسها من قبل الجمعية العامة عام 1949.

ولفت إلى أن الكيان الإسرائيلي الذي بات معزولا ومنبوذا من قبل الأسرة الدولية على وقع المجازر والإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة ولبنان، يحاول استثمار حربه بالانقضاض على الأونروا وتصفيتها في ظل دعم أميركي وغربي مالي وعسكري غير محدود.

وأشار إلى أن حظر الأونروا من قبل الكيان الإسرائيلي يمثل تحديا للمنظمات والهيئات الدولية التي يفترض أنها موجودة لضبط مسار المنظومة الدولية من الفوضى والانفلات وبما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار فيها، ما يجعلها معنية بالدفاع عن صورتها ومكانتها وقراراتها بكافة السبل والوسائل التي يمتلكها تجسيدا للرسالة الأممية التي تحملها حفظا للأمن والسلم الدوليين.